وقع صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس مجلس أمناء مركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة السبت الماضي اتفاقيات لتنفيذ "البرنامج الوطني للصحة النفسية في المملكة العربية السعودية" بين المركز وكل من وزارة الصحة، مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث، وجامعة الملك سعود.
وقد وقع سموه الكريم الاتفاقيات مع الدكتور محمد الخشيم وكيل وزارة الصحة لشؤون التخطيط والتطوير نيابة عن معالي الدكتور عبدالله بن عبدالعزيز الربيعة وزير الصحة ممثلا لوزارة الصحة، كما وقع معالي الدكتور محمد بن إبراهيم السويل رئيس مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية ممثلاً عن المدينة، وعن مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث فقد وقع الاتفاقية معالي الدكتور قاسم بن عثمان القصبي المشرف العام التنفيذي على المستشفى، كما قام معالي الدكتور عبدالله العثمان مدير جامعة الملك سعود بتوقيع اتفاقية تنفيذ البرنامج الوطني للصحة النفسية ممثلا عن الجامعة.
وقد جرت مراسم توقيع الاتفاقيات في قصر طويق بحي السفارات بالرياض، وحضره عدد من أصحاب المعالي الوزراء وأصحاب السعادة رؤساء الجهات الأكاديمية والبحثية، كما حضر المناسبة عدد من مؤسسي مركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة وأعضاء مجلس الأمناء، بالإضافة إلى عدد من الضيوف ورجال الأعمال والمتخصصين والمهتمين بقضايا الإعاقة والأبحاث العلمية.
كما جرى خلال اللقاء توقيع اتفاقيات الشراكة الإستراتيجية بين المركز والعديد من الوزارات والجهات الأكاديمية والبحثية، حيث تم توقيع اتفاقية مع معالي وزير الشؤون الاجتماعية الدكتور يوسف بن أحمد العثيمين، ومؤسسة سلطان بن عبدالعزيز آل سعود الخيرية ومثلها في التوقيع معالي الدكتور ماجد بن عبدالله القصبي المستشار بديوان سمو ولي العهد ومدير عام المؤسسة.
وفي بداية حفل توقيع الاتفاقيات تحدث الشيخ عبدالرحمن بن علي التركي رئيس مجلس إدارة أبراج كابيتل إحدى الشركات الداعمة لتنفيذ برنامج المسح الوطني للصحة النفسية، وعضو مؤسس لمركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة، وقد استعرض خلال كلمته أهمية هذا البرنامج الذي يقوم بتنفيذه مركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة بالتعاون مع العديد من الجهات المحلية والعالمية المتخصصة، كما أشار في كلمته إلى اعتزاز الشركة بدعم هذا البرنامج لما له من آثار إيجابية مستقبلية على حياة أبنائنا في المجتمع السعودي.
وفي كلمة لمعالي وزير الصحة الدكتور عبدالله بن عبدالعزيز الربيعة، ألقاها نيابة عنه الدكتور محمد الخشيم وكيل الوزارة لشؤون التخطيط والتطوير، أشار فيها إلى أهمية هذا البرنامج الحيوي الذي ينفذه المركز، وأثنى في كلمته على الدور المميز الذي يقوم به مركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة في التصدي لقضية الإعاقة ودعم البحث العلمي المتخصص، كما نوه معاليه بالتعاون المستمر بين الوزارة والمركز في تنفيذ العديد من البرامج الهامة ومنها برنامج الكشف المبكر على الأطفال حديثي الولادة، وكذلك برنامج المسح الوطني للصحة النفسية الذي يعتبر البرنامج الأول في المملكة العربية السعودية، الذي تم توقيع اتفاقيته في هذا اليوم المبارك، كما تم توقيع اتفاقية الشراكة الإستراتيجية في هذا اليوم المبارك، وهذه المناسبة السعيدة على الأوساط العملية والبحثية، متمنياً معاليه أن تستمر هذه اللقاءات العلمية البحثية لما فيه مصلحة الوطن والمجتمع.
وفي كلمة ألقاها صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس مجلس أمناء مركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة، رحب فيها سموه بالضيوف الكرام، وقال سموه: إنه يشرفني باسمي ونيابة عن الأعضاء المؤسسين لمركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة أن نرفع أسمى آيات الشكر والتقدير والعرفان لمقام سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، لدعمه حفظه الله واهتمامه الشخصي بالعلم والعلماء، والمراكز البحثية، ففي عهده الميمون شهد البحث العلمي عصره الذهبي، حيث تضاعفت أعداد الجامعات في المملكة وافتتح العديد من الكليات والمعاهد التقنية والصحية، ولسمو سيدي الأمير سلطان بن عبدالعزيز ولي العهد الرئيس الأعلى لمركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة على دعم سموه الكريم السخي والمتواصل للمركز، ولسمو سيدي الأمير نايف بن عبدالعزيز النائب الثاني وزير الداخلية لاهتمامات سموه المقدرة بقضايا الإعاقة ودعم الأبحاث العلمية، ولسمو سيدي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض ومؤسس المركز، على الدعم المتواصل والتوجيه المستمر من سموه الكريم لنا جميعا على تقديم كل ما بوسعنا لدعم هذا المركز وأبحاثه العلمية التي تهدف لمنفعة الناس تحقيقاً لشعار المركز "علم ينفع الناس". ثم استعرض سموه أهمية اتفاقيات تنفيذ البرنامج الوطني للصحة النفسية واتفاقيات الشراكة الإستراتيجية بين المركز وعدد من الوزارات والجهات الأكاديمية والبحثية، كما أستطرد سموه الكريم موضحا الأهداف المرجوة من هذا البرنامج.
ونوه سموه بالدور الذي قامت به منظمة الصحة العالمية بالتعاون مع جامعة هارفارد، حيث كانت انطلاقة هذا البرنامج المسحي منذ عام 1990م برعاية وإشراف منظمة الصحة العالمية.
واختتم سموه كلمته بالشكر لجميع الجهات التي قامت بالتوقيع على هذه الاتفاقيات كما شكر سموه شركة أبراج كابيتل لدعمها المشروع، وكذلك الجهات الداعمة الأخرى وهي مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية وجامعة الملك سعود.
بعد ذلك بدأت مراسم توقيع الاتفاقيات، حيث بدأت توقيع اتفاقيات برنامج المسح الوطني للصحة النفسية ثم تبع ذلك توقيع اتفاقيات الشراكة الإستراتيجية، والتقطت الصور خلال توقيع هذه الاتفاقيات، كما التقطت صورة جماعية لجميع المشاركين في التوقيع.
الجدير بالذكر أن هذا البرنامج هو الأول من نوعه الذي يتم تنفيذه في المملكة العربية السعودية، حيث أن الاضطرابات النفسية تعتبر من أكبر المشكلات الصحية في المجتمع على مستوى العالم، ويمتد تأثيرها ليشمل كل الأعمار والثقافات والمستويات المادية.
وتشير التقديرات إلى أن 450 مليون شخص في العالم يعانون من اضطرابات نفسية، وهذا ما حدا بمنظمة الصحة العالمية التي لاحظت وجود فارق كبير بين ما هو متوفر في العالم من الخدمات الصحية في مجال الصحة النفسية، وبين الطلب المتزايد عليها، إضافة إلى وجود العديد من الإحصائيات التي تشير إلى أهمية القيام بمثل هذه الدراسة ومن ذلك، التكلفة العالية لعلاج من يعانون من الاضطرابات النفسية، حيث بلغت التكلفة من 3%-4% من إجمالي الدخل القومي في كل من أمريكا والدول الغربية، كما أن الضغوط النفسية في حياة الإنسان السليم تؤدي إلى تخفيض العمر الافتراضي للإنسان (بعد مشيئة الله) بمقدار الربع نتيجة لتعرضه لهذه الضغوط، كما أنها السبب في ضياع العديد من ساعات العمل من خلال الغياب المتكرر عن العمل حيث وصلت نسبة الغياب 35%-45% في امريكا والدول الغربية، كما بينت الإحصائيات في أمريكا أنه يضيع ما مجموعه (75) يوم عمل على كل من الرجال والنساء والأولاد بسبب ما يعانون من الاضطرابات والأمراض النفسية.
وقررت منظمة الصحة العالمية نتيجة للأسباب المذكورة أن تبدأ بمبادرة المسح العالمي للصحة النفسية بالتعاون مع جامعة هارفارد، وذلك للسعي لقياس مدى انتشار الأمراض النفسية، وتحديد العوامل المسببة لها، ونتائج علاجها.
وقد أجري المسح في (29) دولة على مستوى العالم حتى الآن، وستكون المملكة العربية السعودية الدولة رقم (30) في تطبيق هذا البرنامج المسحي على غرار برنامج المسح العالمي للصحة النفسية، وذلك بهدف تقدير حجم الاضطرابات النفسية في شتى مناطق المملكة ومقدار الإعاقة الناجمة عن تلك الاضطرابات.
وسيتم تنفيذ البرنامج على ثلاثة مراحل: الأولى لتجهيز فريق البحث وترجمة الاستبيان (الأداة) أما المرحلة الثانية فهي عبارة عن جمع البيانات، فيما ستشكل المرحلة الثالثة تحليل المعلومات التي تم تجميعها والحصول عليها من قبل فرق البحث.
يعتبر المسح الوطني للصحة النفسية وضغوط الحياة في المملكة العربية السعودية بحثاً وبائياً ميدانياً، وسيجري على عينة ممثلة لسكان المملكة القاطنين في الحضر والأرياف، وستشمل عينة الدراسة التجريبية (10,000) شخص يتم اختيارهم من الجنسين الذكور والإناث الذين تقع أعمارهم في الفئة العمرية من (15-65) سنة. ويتم اختيارهم بشكل عشوائي من كل أسرة يقع عليها الاختيار حسب توزيع العينة العشوائي، الذي سيغطي مناطق المملكة الثلاثة عشر.
ستتم مقابلة أفراد عينة البحث وجهاً لوجه في منازلهم بواسطة فرق مدربة ومعتمدة من قبل خبراء المسح العالمي للصحة النفسية، حيث يحتوي كل فريق على رجل وامرأة لمقابلة الرجال والنساء كل حسب جنسه، وهناك استمارة خاصة تسمى (أداة CIDI 3.0) سيتم استخدامه لتنفيذ هذا المسح، وهذه الاستبانة تم تطويرها من قبل البروفيسور رون كيسلـر Ron Kessler الذي يعتبر من أهم الخبراء في مجال تقييم مدى انتشار الإحصائيات الوبائية النفسية في العالم.
وقد قام فريق سعودي من الأطباء النفسيين والمترجمين المعتمدين بترجمة هذه الاستبابة (الأداة) وتم تعديلها بما يتناسب مع بيئة مجتمعنا السعودي.
وتكمن أهمية هذه الدراسة في أنها ستزود العاملين في الصحة النفسية ومتخذي القرار برؤية تساعد في توفير الخدمات اللازمة للوقاية والعلاج والتأهيل في المملكة العربية السعودية، وذلك من خلال البيانات والمؤشرات التي يتم الحصول عليها من هذه الدراسة.
كما أن هذه الدراسة تساعد على تقدير الأمراض النفسية في مختلف مناطق المملكة العربية السعودية، وتقدير الإعاقة الناتجة عنها ومدى تأثيرها على ذوي الإعاقة وأسرهم، وكذلك تقدير معدلات انتشار الحالات النفسية. وهناك أهداف شاملة ذات أبعاد مختلفة وهي الأبعاد الإنسانية التي تتعلق بما يعانيه الإنسان من الاضطرابات النفسية وحقوقه التي يكفلها له القانون بالعلاج والوقاية والتأهيل، والأبعاد الاجتماعية التي تنعكس على حياة الإنسان من خلال علاقاته الاجتماعية ومدى تأثيرها على حياته اليومية، وكذلك الأبعاد الاقتصادية، حيث أن الإحصائيات التي تم التنويه عنها سابقاً بينت مدى التأثير الاقتصادي.
ويقوم مركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة في تنفيذ هذا البرنامج بالتعاون مع العديد من الجهات المحلية والعالمية ذات المكانة المرموقة في الوسط الصحي العالمي وهي: منظمة الصحة العالمية وجامعة هارفارد وجامعة ميتشجن، وهم الشركاء التقنيون الدوليون للمركز.
وتجدر الإشارة إلى أن فكرة تطبيق هذا البرنامج في المملكة العربية السعودية انبثقت خلال المؤتمر الدولي الثالث للإعاقة والتأهيل الذي عقد في الرياض في العام 2009م، حيث تضمنت إحدى توصيات المؤتمر بأن يتبنى مركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة إستراتيجية تهدف إلى إيجاد برامج لتطوير الأبحاث والدراسات في مجال الإعاقة، ويعتبر برنامج المسح الوطني للصحة النفسية من ضمن هذه البرامج,
كما تضمنت توصيات الملتقى العلمي الأول لأبحاث الإعاقة، الذي نظمه مركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة بالتعاون مع مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية في الفترة من 7-8 ديسمبر 2010م ضرورة تنفيذ الأبحاث المسحية ومنها هذا البرنامج.
كما تجدر الإشارة إلى أن فريق البحث الذي يتولى تنفيذ البرنامج يتألف من الدكتور عبدالله السبيعي المنسق الإكلينيكي للبحث، والدكتورة ياسمين التويجري المنسق العلمي، والأستاذة منى شهاب مديرة البرنامج للتنسيق الإداري يساعدها في ذلك الأستاذة فداء التويجري، ويجري تنفيذ هذه الدراسة تحت إشراف المدير التنفيذي لمركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة الدكتور سلطان بن تركي السديري.